د. سناء جميل علي الحنيطي *

Transcription

1 تاريخ وصول البحث: د. جميل علي * 2014/8/20 م تاريخ قبول البحث: 2015/6/1 م ملخص إن قضي ة عمل المرأة قد شغلت فكر البشر قديما وحديثا حتى عد ها البعض مشكلة عصره وقد تخب ط البعض في معالجتها وما زالت هذه القضية ت عرض على مأدبة شعارها "الحرية والمساواة" حتى جاء اإلعالم -خاصة المرئي منه- ليزاحم هذه العلوم وليأخذ مكانه بينها ويتصدرها بكل جدارة. فجاءت هذه الدراسة -بفضل هللا وتوفيقه- لتسلط الضوء على قضي ة عمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي ومدى مشروعي ة هذا العمل وارتباطه بالضرورة المقد رة وتحقق الضوابط الشرعي ة ومدى التزامها بهذه الضوابط كما بي ن الباحث حاجة المجتمع لدور المرأة في هذا المجال وتوضيح بعض إسهاماتها المباركة في مجال اإلعالم المرئي خصوصا في مجال الدعوة واإلرشاد. كما بين ت الدراسة أهمية إشراك المرأة في إعداد البرامج الهادفة من كتابة وإعداد وتقديم وغيرها وركز الباحث على ضرورة ترسيخ مفهوم "أن اإلعالم جزء من الدعوة إلى هللا" وق درة المرأة على التعامل بكفاءة في هذا المجال. Abstract The issue of a woman's work, which has always concerned man to the extent that he started viewing it as the problem of his age and which has always been an issue of interest under the banner of "freedom and equality", is put under the microscope in the field of visual media. This study sheds light on the work of women in the field of visual media, and how legitimate is it, its relevance to the evaluated necessity, and how tenacious women are toward these borderlines. The researcher * أستاذ مساعد قسم الفقه وأصوله كلية الشيخ نوح القضاة للشريعة والقانون جامعة العلوم اإلسالمية العالمية. مجلة shows the شعبان need الثاني العدد الثاني of المجلدthis role to be 393fulfilled والقانونيةby women اإلسالمية in society الميزان للدراسات as she states some of women's contributions in the field of visual media, particularly in regard to religious invocation and guidance i.e. Da wah wal-irshad. In addition, the study shows the importance of woman's involvement in the preparation of guided and purposeful programs, including the processes of writing, preparation, editing, and presentation. The researcher finally stresses the need to establish an ideology promoting that "the media is part of invocation and guidance," and that women are key players in this regard ه/حزيران 2015 م

2 394 مقدمة: الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدن ا محمد النبي األم ي األمين وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين وبعد: منذ أن تبن ت الدول االستعماري ة فكرة الغزو بأنواعه أخذت على عاتقها تنفيذ مخططاتها بكل دق ة وحرفي ة عالية وبعد نجاحهم في مرحلة تدمير أساس نهضة الشعوب ورفعتها عسكريا لتبدأ المرحلة التالية والتي هي أشد خطرا وأكثر فتكا من الغزو العسكري وهي مرحلة الغزو الثقافي وتغيير فكر الشعوب ليتسن ى لهم العودة بهم إلى سوق النخاسة لتجديد عقود استعبادهم من جديد. وبالطبع كان على رأس أولوياتهم )المرأة( إلدراكهم حقيقة دور المرأة في القدرة على تسيير عجلة التغيير لدى الشعوب وحسب رسوماتهم البياني ة كان ال بد من انتزاعها من محراب بيتها والزج بها في ميدان العمل الذي ال يرحم بحجج واهي ة من طلب المساواة مع الرجل إلى المطالبة بالحقوق المهدورة إلى التحرر وكسر القي ود وأخرى بعدم تعطيل النصف اآلخر للمجتمع وكان لهم ما أرادوا فكانت هدفا واضحا للمراهنة عليها ليتم تصويب سهامهم المسمومة على مقتلها وبالفعل قتلت المرأة بسكين أفكارهم المسمومة دون أن ترى قطرة دم واحدة. ومن بين الوظائف المدرجة على قائمتهم السوداء عمل المرأة في المجاالت اإلعالمي ة - خاصة المرئي ة منها- لتلعب دورها وتؤديه بكل دقة وإتقان - حسب معاييرهم- كما خط ط لها فمن المعلوم أن المرأة الغربية باتت تلعب الدورالرئيس في العملية اإلعالمي ة وهي المحرك الذي يمد الحياة اإلعالمي ة بالطاقة الحيوية فهل تسطيع المرأة العربية المسلمة القيام بهذا الدور وإتقانه تماما مثلما أتقنته نظيرتها في الغرب وهل من الممكن العمل ضمن ضوابط يحدد ها الشارع الحكيم هذا ما سوف أسل ط الض وء عليه- بعون هللا تعالى وتوفيقه- في هذه الدراسة والتي هي بعنوان "الضوابط الشرعي ة

3 395 لعمل المرأة في اإلعالم المرئي " راجيا هللا العلي القدير المعونة والتوفيق والسداد. اللهم آمين. أهمية البحث: تتجلى أهمية البحث في بيان زعم المشك كين والمغرضين من أعداء هذه األمة في دعواهم أن اإلسالم منع المرأة حقوقها من باب منظومة ظلم اإلسالم للمرأة في كل المجاالت ومنها عدم خروجها من بيتها للعمل إلى جانب الرجل وهذا مناقض لكل معاهدات المرأة الراقي ة -على حد زعمهم-! ك)سيداو( وغيرها وتأثر البعض -ممن هم قصير والنظر- بأقوال هؤالء المش ك كين فذهبوا إلى ترديد ما قاله أعداء المرأة واإلنسانية واد عوا فهم حرية المرأة وهم منها براء حيث أراد المطالبون بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل أن يثبتوا للناس أن التكوين الخ لقي للمرأة هو نفس التكوين الخ لقي للرجل مما يمك نها من الوقوف إلى جانب الرجل والقيام بنفس الدور المناط به. فجاءت هذه الدراسة لتسليط الضوء على عمل المرأة بشكل عام وفي المجال اإلعالمي بشكل خاص ولتفنيد دعوى المشك ك ين القائلة: بظلم اإلسالم للمرأة جر اء نظرتهم القاصرة بل إن اإلسالم هو الذي كرم المرأة وأثبت لها الحقوق وسمح لها بالعمل ضمن ضوابط الشرع صيانة لها وحفظا لحقوقها وإثبات لكثي ر من الناعقين بحقوق المرأة وتحريرها عدم فهمهم الدقيق لمقاصد الشريعة عند وضعها للضوابط الشرعي ة في تطبيق األحكام وإزاحة اللثام عم ا أشكل على البعض فهمه لضيق دائرة األفق عندهم وأيضا إثبات أن طبيعة التكوين الجسماني للمرأة يختلف كلي ا عن طبيعة التكوين عند الرجل مما له بالغ التأثير على حياتها النفسي ة والجسدي ة نظرا لما تمر به من العمليات الحيوية من طمث وحمل ونفاس ووالدة وغيرها. مشكلة البحث: تهدف هذه الدراسة إلى اإلجابة على التسؤالت التالية: 1. ما مفهوم عمل المرأة في الشريعة اإلسالمية 2. ما الضوابط الشرعي ة لعمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي 3. ما حكم عمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي أهداف البحث: تكمن أهداف الدراسة فيما يلي: 1. تحديد بعض مفاهيم موضوع الدراسة ومنها مفهوم عمل المرأة. 2. تحديد بعض الضوابط الشرعي ة لعمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي. 3. بيان أن الضوابط الشرعي ة لعمل المرأة وجدت للمحافظة على كرامة المرأة بما يتناسب مع طبيعة عملها. الدراسات السابقة: من خالل اطالعي المتواضع على ما تم كتابته من أبحاث ودراسات في موضوع هذه الدراسة فقد وجدت عدة رسائل وأبحاث ومقاالت كتبت في هذا الموضوع, إال أنني لم أقف على دراسة أفردت موضوع عمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي بشكل مستقل رغم تعرض بعض الباحثين جزاهم هللا عن ا كل خير في

4 396 تناول هذا إلى دراساتهم وأبحاثهم وبعضها مختصر بشكل الموضوع أقتصرت على ذكر جانب دون آخر وهكذا فأحببت أن أضيف جهدي المتواضع إلى جهود من سبقني من األخوة الباحثين لنخرج بتصور مفيد عن هذا الموضوع بإذن هللا تعالى ومن هذه الدراسات التي استعنت بها بعد هللا تعالى ما يلي: 1. اإلعالم المرئي أحكامه وضوابطه في الفقه اإلسالمي وهي رسالة ماجستير في الفقه وأصوله مقدمة من الطالب يوسف على سالم أبو قرن وإشراف الدكتور هايل عبدالحفيظ داود الجامعة األردنية عام 2008 م تحدث الباحث في هذه الدراسة عن اإلعالم أحكامه وضوابطه في الفقه اإلسالمي بشكل عام أما هذه الدراسة فجاءت لتسليط الضوء على الضوابط الشرعية لعمل المرأة في اإلعالم المرئي بشكل خاص. 2. عمل المرأة ضوابطه -أحكامه- ثمراته دراسة فقهية مقارنه وهي رسالة ماجستير في الفقه االسالمي وأصوله مقدمة من الطالبة هند محمود الخولي إشراف الدكتور مصطفى البغا تقديم الدكتور بديع السيد اللحام مكتبة الفارابي دمشق الطبعة األولى 2001 م تحدثت فيها الباحثة عن ضوابط عمل المرأة بشكل عام باإلضافة إلى بعض األحكام الخاصة به وتعرضت إلى أقوال الفقهاء في ذلك ولم تتحدث عن هذه الضوابط في مجال اإلعالم المرئي وهذه الدراسة جاءت لتسلط الضوء على عمل المرأة في اإلعالم المرئي بشكل خاص. 3. حقوق المرأة في السن ة النبوي ة بحث مقدم لجائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوي ة والدراسات اإلسالمية المعاصرة لعام 1427 مقدم من قبل الدكتورة نوال بنت عبدالعزيز العيد عضو هيئة التدريس في كلية بنات الرياض تحدثت فيه الباحثة عن مكانة المرأة وحقوقها الشرعية والسياسية والمالية واالجتماعية وقد أوردت فصال عن حقها في العمل وضوابطه ولم تخص الحديث عن عملها في مجال اإلعالم المرئي أما هذه الدراسة فموضوعها عمل المرأة في اإلعالم المرئي بشكل خاص. 4. دور المرأة في المجال اإلعالمي المعاصر في الفقه اإلسالمي رسالة ماجستير في الفقه المقارن في الجامعة اإلسالمية/ غزة سنة 2009 مقدمة من الطالبة: صفاء محمد المبيض إشراف فضيلة الدكتور ماهر حامد الحولي تحدثت فيه الباحثة عن أهمية الدور الذي تقدمه المرأة في المجال اإلعالمي بشكل عام ولم تخصص الحديث عن دورها في مجال اإلعالم المرئي أما هذه الدراسة فموضوعها عمل المرأة في اإلعالم المرئي بشكل خاص. منهج البحث: تتلخص منهجيتي في كتابة البحث بما يلي: سلكت في هذه الدراسة المنهج االستقرائي وجمع المادة البحثية من مصادرها ثم المنهج التحليلي في تحليل المحتوى والمضمون والمنهج االستنباطي في صياغة مضامين مادة البحث. وقد جاء البحث مشتمال على المباحث التالية:

5 .5 1. المبحث األول: التعريف بمصطلحات البحث وفيه خمسة مطالب. أ. المطلب األول: تعريف الضابط لغة واصطالحا المطلب الثاني: مفهوم عمل المرأة. ب. ج. المطلب الثالث: مفهوم اإلعالم لغة واصطالحا. المطلب الرابع: مفهوم اإلعالم د. المرئي. ضوابط المطلب الخامس: مفهوم ه. عمل المرأة اإلعالمي. 2. المبحث الثاني: عمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي وفيه ثالثة مطالب. أ. المطلب األول: مشروعي ة عمل المرأة. ب. المطلب الثاني: مشروعي ة عمل المرأة اإلعالمي. ج. المطلب الثالث: حاجة المجتمع لعمل المرأة ودورها في تفعيل العمل اإلعالمي. 3. المبحث الثالث: الضوابط الشرعي ة لعمل المرأة ويقسم إلى: أ. ضوابط عامة لعمل المرأة وتشتمل على: - الضابط األول: إذن الولي. - الضااااابط الثاااااني: االلتاااازام باللباااااس الشرعي. - الضابط الثالث: ضرورة توفيقها بي ن متطلبات عملها خارج المنزل وداخله. - الضابط الرابع: عدم الخضوع بالقول. ب. ضوابط خاصة لعمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي. الضابط األول: مشروعي ة العمل - اإلعالمي. الضابط الثاني: عدم ممارستها ألعمال - تتعارض وتكوينها الجسماني. الضابط الثالث: عدم االختالط بالرجال - األجانب والخلوة بهم. الضابط الرابع: عدم السفر من غير - محرم. الضابط الخامس: أن تكون مشاركة - المرأة في اإلعالم المرئي مشاركة تظهر فيها وتدرأ المصلحة فيها المفسدة وفق تقدير أهل العلم لذلك. التزام اإلعالمي ة الضابط السادس: - بضوابط التصوير. الخاتمة. 4. التوصيات. 6. فهرس المراجع. وأخيرا ألحمد ربي الكريم المن ان الذي أكرمني وشر فني في تقديم هذا العمل المتواضع ومساعدته إي ا ي على إتمامه فله الحمد والمن ة في األولى واآلخرة رغم اعترافي بتقصيري وقلة بضاعتي ولكن حسبي أني بذلت ق صارى جهدي وهذا جهد المقل وهللا حسبي وهو نعم الوكيل وهللا أسأل أن يكتب له القبول وأسأله أخرى التوفيق والسداد واإلخالص في القول والعلم والعمل إنه ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين. المبحث األول: البحث. التعريف بمصطلحات 397

6 398 المطلب األول: تعريف الضابط لغة واصطالحا تعريف الضابط لغة : الضابط: مأخوذ من ضبط الشيء يضبطه ضبطا : أي حفظه حفظا بليغا أو حازما, والضبط: لزوم الشيء وحبسه )1( وحصره. والضبط: اإلتقان واإلحكام. تعريف الضابط اصطالحا : اختلف الفقهاء في تعريف الضابط فانقسموا إلى فريقين اثنين: الفريق األول: جعل الضابط بمعنى القاعدة كابن عابدين في )رد المحتار(, عندما عرف القاعدة بقوله: "هي في االصطالح بمعنى الضابط وهو األمر )2( الكلي المنطبق على جميع جزئياته" وهذا ما وض حه الدكتور عبدالرحمن الكيالني في كتابه )قواعد المقاصد عند )3( اإلمام الشاطبي( وقال الدكتور يعقوب البا حسين الضابط هو: "ما انتظم صورا متشابهة في موضوع واحد, غير ملتفت فيها )4( إلى معنى جامع مؤثر". الفريق الثاني: فرق بين القاعدة والضابط كالسبكي والسيوطي وابن نجيم فقالوا: "القاعدة تجمع فروعا من أبواب شتى والضابط يجمع فروع باب )5( واحد" وهذا هو الفرق بين الضابط والقاعدة وانظر تفصيل ذلك عند )7( )6( الندوي الزحيلي. ويمكن التمييز بين الضابط الفقهي والقاعدة الفقهية إلى أن عالقة الضوابط مع القواعد عالقة خصوص وعموم, إذ الضوابط أخص من القواعد الفقهية ال مت سمة بصفة العموم بسبب انسحاب )8( مفهومها على أكثر من باب واحد. التعريف المختار: نستطيع القول بأن الضابط هو: حكم شرعي عملي كلي, يندرج تحته أكثر من مسألة من باب )9( واحد. المطلب الثاني: مفهوم عمل المرأة مفهوم العمل لغة : 1. جاء في معجم مقاييس اللغة: عمل: العين والميم والالم أصل واحد صحيح وهو عام في كل فعل يفعل قال الخليل: والرجل يعتمل لنفسه ويعمل لقوم ويستعمل غيره ويعمل رأيه أو )10( كالمه. 2. وجاء في معجم مصطلحات أصول الفقه: العمل: من عمل عمال إذا ف ع ل ف عال )11( عن قصد. مفهوم العمل اصطالحا : 1. العمل: مجهود يبذله اإلنسان لتحصيل )12( منفعة. 2. العمل: هو الجهد البدني والفكري الذي )13( يبذله الشخص لتحقيق منفعة. ومن هنا نستطيع القول بأن عمل المرأة هو: الجهود البدني ة والفكري ة التي تبذلها المرأة في المي دان العمل ي لتحقيق منفعة ما. المطلب الثالث: مفهوم اإلعالم لغة واصطالحا مفهوم اإلعالم لغة : اإلعالم لغة : مشتق من الفعل الر باعي "أ ع ل م " ومضارعه "ي ع ل م" ومصدره "إعالم" وأصل كلمة أعلم من العلم الذي هو إدراك الشيء بحقيقته وأ ع ل م ت ه وع ل م ت ه في األصل واحد إال أن اإلعالم اختص بما كان بإخبار سريع والت ع ل يم

7 399 اختص بما يكون بتكرير وتكثير حتى )14( يحصل منه أثر في نفس الم ت ع ل م. أقول ويأتي اإلعالم بمعنى اإلخبار واإلبالغ واإليصال يقال: أخبرت القوم وأبلغت القوم وأوصلت إلى القوم أي: أعلمتهم بكذا وكذا وفي الحديث ع ن عبدهللا ب ن ع م ر و أ ن النبي قال:»ب ل غ وا )15( ع ن ي و ل و آي ة «أي أخبروها وأوصلوها غيركم وأعلموا اآلخرين بها. والعلم صفة من صفات هللا عز وجل فهو: العليم والعالم والعال م قال تعالى: ب ل ى و ه و ٱل خ ل ق ٱلع ل يم ]يس: 81[ وقال تعالى: ع ل م ٱل غ ي ب و ٱلش ه د ة ]األنعام: 73[ وقال تعالى: إ ن ك أ نت ع ل م ٱلغ ي وب ]المائدة: 109[. مفهوم اإلعالم اصطالحا : إن المتأمل في تعريف علماء هذا الفن لمفهوم اإلعالم ليجد تباينا واسعا بينهم في إيجاد تعريف جامع مانع لهذا المفهوم ويكاد االتفاق بينهم يكون معد وما ورب ما ات فقوا في بعض الجزئيات لذلك حاولت هنا نقل بعض التعريفات لبيان المطلوب: السمعية - البصرية )كالتلفزيون( في )16( حركة أفقي ة ورأسي ة في آ ن واحد". 2. وقال الدكتور يوسف محيا ي الا دين أباو هاللاااه: "ومااان وجهاااة النظااار اإلساااالمي ة نسااتطيع تعريااف اإلعااالم بأنااه: اسااتعمال وساااائل اإلعاااالم وأسااااليبه كافاااة ضااامن حدود الشارع لبياان الحا ق ودعاوة النااس إليااه وتعريااة الباطاال وصاا دهم عنااه لاائال يكاااون للنااااس فاااي البعاااد عااان اإلساااالم )17( حج ة ". التعريف الراجح لإلعالم -في نظري-: هو عملية لتبادل المعلومات الصادقة بين طرفين بإحدى وسائل اإلعالم المختلفة. فهذا التعريف يشمل: - جميع المعلومات: من أخبار وحقائق وآراء واتجاهات فكرية. - المعلومات الصادقة: ألن اإلعالم من العلم وهو إدراك الحقيقة ومنها ال تكون المعلومات الكاذبة علما. - ما بين طرفين: أحدهما )م رس ل( واآلخر )م ستقب ل(. - إحدى وسائل اإلعالم مثل: التلفاز الراديو الصحف واإلنترنت وغيرها. المطلب الرابع: مفهوم اإلعالم المرئي مفهوم المرئي لغة : 1. قال ابن فارس: )رأى(: الراء والهمزة والياء أصل يدل على نظر وإبصا ر )18( بعين أو بصير ة. 2. وقال الدكتور أحمد مختار: م رئي : اسم مفعول من رأ ى ومضارعه ي ر ى ومصدره ر ؤية والرؤية بالعين وهي إدراك األشياء بحاس ة البصر وعليها 1. يقول الدكتور فالح كاظم :"ولعل خير تعريف عربي جامع وشامل لإلعالم -من وجهة نظره- ما أورده الدكتور إبراهيم الداقوقي -أستاذ اإلعالم في جامعة بغداد/ قسم اإلعالم- حيث يقول: "اإلعالم هو عملية تلق ي المعلومات وكل ما يتصل بالفكر اإلنساني في تفاعله مع المجتمع وهضمها وإعادة إرسالها وفق متطلبات المجتمع الق طري والق وم ي والعالم ي بوسائل اإلعالم المقروءة أو السمعية أو

8 المعو ل في الشهادة والص ورة المرئي ة: الجزء المرئي للبث التلفزيوني - وسيلة مرئي ة: مساعدة بصري ة كالنموذج البياني النسبي أو شريط من الصور أو شريط فيديو حيث تقد م هذه الوسائل المعلومات.)19( بصري ا مفهوم اإلعالم المرئي اصطالحا : هي تلك الوسائل التي تشغل حاست ي السمع والبصر معا كالمسرح والسينما )20( والرائي واالنترنت. المطلب الخامس: مفهوم ضوابط عمل المرأة اإلعالمي. وبعد ومن خالل إطالعنا في المطالب السابقة على المفاهيم التي ت رك ب منها عنوان البحث آن لنا أن نستخلص تعريفا لضوابط عمل المرأة اإلعالمي فنقول وباهلل التوفيق: هي األحكام الفقهية األغلبية التي يعرف منها مباشرة الفروع والجزئيات المتعلقة بعمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي. المبحث الثاني: عمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي. المطلب األول: مشروعي ة عمل المرأة. ات فق الفقهاء المتقدمون والعلماء المعاصرون على جواز خروج المرأة للعمل عند الضرورة المعتبرة شرعا والتي ينبغي أن تقد ر بقدرها كما اتفقوا على منع المرأة من الخروج للعمل في حال عدم التزامها بالضوابط الشرعي ة التي ألزمها بها الشارع الحكيم واختلفوا في حكم خروجها إلى العمل في حال التزمها بالضوابط الشرعي ة هل يجوز لها )21( الخروج أم ال ولكل طرف من هؤالء الفقهاء رأيه الخاص على ما ترج ح لديه من أدل ة شرعية والبحث في هذه المسألة يطول إذ ليس موضوع هذه الدراسة حكم عمل المرأة ومن أراد ذلك عليه الرجوع إلى مظانها في كتب الفقه. بي د أن الناظر في مظ ان عمل المرأة عبر التاريخ اإلسالمي ليجد أن إسهامات المرأة المسلمة المؤمنة ظاهرة للعيان تدير شؤون الحياة كلها فكانت منها العاملة والمثقفة والرائدة والمجاهدة والمتعل مة والمزارعة والممرضة والطبيبة وغير ذلك من مهن الحياة وما تعليم أمهات المؤمنين للمسلمين في سابق العهد إال صورة جلي ة ظاهرة في تصدر الفتوى وتعليم المسلمين أمور دينهم. وأن هناك أعماال باتت ضرورة م ل حة ال بد أن تقوم بها المرأة كالتعليم والتطبيب, والتمريض, لبنات جنسها وأ ن مفهوم عمل المرأة في اإلسالم أشمل وأعمق مما ينادي به دعاة تحريرها من ق صره على العمل المأجور فقط, فاألمومة عمل, وتربية األوالد عمل وأعمال البيت عمل, والمحافظة على قيم المجتمع )22( عمل. والمتأمل في النصوص الشرعي ة سواء كانت آيات قرآنية أو صحيح السن ة النبوي ة ليرى أن األمر ليس كما يد عيه بعض من يد عون الفقه -وهم له فاقدون- إلى إقصاء المرأة وعزلها عن المجتمع تارة باسم التدي ن وأخرى باسم التحرر وما هذه وتلك إال نداءات ناعق بما ال يسمع في محاولة منهم لتعطيل طاقات المرأة وتجميد قدراتها في الوقت الذي تحتاج فيه األمة إلى تضافر جهود جميع أفرادها: 400

9 د رجاال ونساء على حد سواء لتحقيق عزتها وكرامتها واالرتقاء بها إلى مصاف األمم. وإنني إذ أميل إلى رأي الذين قالوا بجواز عمل المرأة ضمن الضوابط الشرعي ة التي جاء بها الشارع الحكيم إما لضرورة أو سد ما يحتاجه المجتمع واألمة واألسرة على حد سواء وبالرغم من أن المقام ال يتسع لسرد كافة األدلة الشرعي ة الواردة في جواز عمل المرأة ضمن الضوابط الشرعي ة لكثرتها إال أنني أحببت ذكر بعضها ليزيد األمر )23( وضوحا بإذن هللا تعالى. األدلة من القرآن الكريم: 1. قال تعالى: ل لر ج ا ل ن ص يب م م ا ٱك ت س ب وا و ل لن س ا ء ن ص يب م م ا ٱك ت س ب ن ]النساء: 32[. وجه الداللة: أن اآلية القرآني ة منحت حق العمل واالكتساب للرجل والمرأة على حد سواء دون تفضيل أحد على اآلخر. 2. قال تعالى: و ق ل ٱع م ل وا ف س ي ر ى ٱهلل ع م ل ك م ۥ و ر س ول ه و ٱل م ؤ م ن ون ]التوبة: 105[. وجه الداللة: وجوب العمل للجميع وهذا عام في الرجال والنساء. 3. قال تعالى: ل ي ب ل و ك م أ ي ك م أ ح س ن ع م اال و ه و ٱل ع ز يز ٱل غ ف ور ]الملك: 2[. وجه الداللة: وهذا دليل على وجوب العمل وأن معيار التفاضل بين الجميع هو األعمال دون تخصيص العمل لطرف دون آخر. األدلة من صحيح السن ة النبوي ة: 1. عن الربيع بنت معوذ قالت: "كنا نغزو مع النبي فنسقي القوم ونخدمهم )24( ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة". وجه الداللة: جواز الخروج للعمل من قبل النساء حيث خرجن غازيات مع رسول هللا. 2. عن أم عطية األنصارية قالت:»غزوت مع رسول هللا سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على )25( المرضى«. وجه الداللة: وهذا دليل على صحبة النساء للجيوش وقيامها بأعمال التمريض وإطعام الطعام ونقل المرضى والقتلى والتحريض على القتال وما يصاحبها من رفع للجرحى وحمل للمرضى واختالط بالرجال. 3. عن جابر بن عبدهللا يقول: ط ل ت ق )26( خالتي فأرادت أن ت ج نخلها فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي فقال:»بلى فجد ي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو )27( تفعلي معروفا «. وجه الداللة: وهذا دليل على خروج المرأة وعملها في الزراعة لسد حاجتها بل وحاجة غيرها لتصد قها من عمل يدها رغم أنها في ع د تها. ومن هنا يتضح لنا مشروعي ة عمل المرأة وأن لها الحري ة في اختيار عملها الذي يناسبها إذا توافرت الضوابط الشرعي ة والتي هي محور حديثنا في المبحث التالي بإذن هللا تعالى. المطلب الثاني: مشروعي ة عمل المرأة )28( اإلعالمي. 401

10 تحدثت في المطلب السابق عن مشروعية عمل المرأة بشكل عام ومن ضمن األعمال التي يمكن قيام المرأة بها العمل اإلعالمي والذي جوهره الدعوة إلى هللا تعالى وتعريف الناس بدين اإلسالم واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر ما فيه مصلحة العباد الدنيوية واألخروية. وبما أن الدعوة إلى هللا تعالى متطلب إجباري وفرض عين على كل مسلم ومسلمة كان علينا النهوض بهذا الواجب العيني واستغالل كل الموارد موجودة واإلمكانيات المتاحة كل حسب طاقته وقدرته دون تفريق الرجال والنساء على حد سواء لتحقيق هذه الغاية األسمى. األدلة من القرآن الكريم: 1. قال تعالى: و لت ك ن م نك م أ م ة ي د ع ون إ ل ى ٱل خ ي ر و ي أ م ر ون ب ٱل م ع ر وف و ي ن ه و ن ع ن ل ئ ك ه م ٱل م فل ح ون ]آل عمران: ٱل م نك ر و أ و.]104 وجه الداللة: وجوب الدعوة إلى هللا تعالى من الجميع دون استثناء بأي مجال ومن هذه المجاالت, المجال اإلعالمي حيث إمكانية قيام المرأة بالدعوة واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا المجال ضمن ضوابط الشارع الحكيم. 2. قال تعالى: و ٱل م ؤ م ن ون و ٱل م ؤ م ن ت ب ع ض ه م أ و ل ي ا ء ب ع ض ي أ م ر ون ب ٱلم عر وف و ي نه و ن ع ن ٱل م نك ر و ي ق يم ون ٱلص ل و ة و ي ؤ ت ون ٱلز ك و ة أ و ل ئ ك س ي ر ح م ه م ٱهلل و ي ط يع ون ٱهلل ۥ و ر س ول ه إ ن ٱهلل ع ز يز ح ك يم ]التوبة: 71[. وجه الداللة: وجوب الدعوة إلى هللا تعالى من قبل المؤمنين والمؤمنات والدعوة في هذا المجال من أعظمها تأثيرا إذا أحسنت االستخدام. 3. قال تعالى: ٱد ع إ ل ى س ب يل ر ب ك ب ٱل ح ك م ة و ٱل م و ع ظ ة ٱل ح س ن ة ]النحل: 125[. وجه الداللة: وجوب الدعوة إلى هللا تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة واألسلوب الطيب وهذا جميعه يمكن للرجل والمرأة تحقيقه عن طريق المجال اإلعالمي. األدلة من صحيح السن ة النبوي ة: 1. عن أبي هريرة أن رسول هللا قال:»من دعا إلى هدى كان له من األجر مثل أجور من تبعه ال ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضاللة كان عليه من اإلثم مثل آثام من تبعه ال ينقص ذلك من )29( آثامهم شيئا«. وجه الداللة: دل الحديث على دعوة الجميع إلى الخير بأي وسيلة وأن من دعا إلى الخير له أجر من تبع هذا الخير دون أن ينقص من أجره شيء ومن أساليب الدعوة: دعوة المرأة في مجال اإلعالم المرئي وغيره. 2. عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه قال: سمعت رسول هللا يقول:»من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك )30( أضعف اإليمان«. وجه الداللة: دل الحديث على ضرورة تغيير المنكر من قبل الجميع وأن هذا 402

11 403 التغيير من قبيل األمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمرأة في المجال اإلعالمي قادر على تغيير المنكر لما لها من تاثير كما للرجل. 3. عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول هللا يقول:»نض ر هللا امرأ سمع من ا حديثا فحفظه حتى يبلغه فر ب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس )31( بفقيه«. وجه الداللة: دل الحديث على أن اآلمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينتفع به الناس سواء كان رجل أو امرأة والمرأة في مجال اإلعالم تستطيع تقديم ذلك فهي كالرجل في خدمة الدعوة. ومن هنا نستطيع القول بأن الدعوة إلى هللا تعالى واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الجميع بحسب ما يستطيع وبأي وسيلة مشروعة وما المجال اإلعالمي إال أحد وسائل الدعوة المتاحة في العصر الحديث ويجب استغاللها االستغالل األمثل. المطلب الثالث: حاجة المجتمع لعمل المرأة ودورها في تفعيل العمل اإلعالمي. إن الفكر السائد في قضية مشاركة المرأة ألي عمل ارتبط بفكرين أحدهما: يدعو به أهل التزمت واالنغالق إلى التحج ر والجمود ومنع المرأة من الخروج لتكون حبيسة بيتها ورهن خدمته فقط وما ذنبها إال أنها خلقت أنثى! وبفكر آخر ارتبط بأدعياء التحرر واالنفتاح التزم مد عوه إلى تنازل المرأة عن عرش مملكتها لتخرج عن دائرة أنوثتها لقتل حيائها وعفتها وطهارتها بسكين أفكارهم المسمومة المنادية بأنها نصف المجتمع لها ما للرجل من حقوق في الخروج والظهور والعمل. وكال الفكرين نرفضهما جملة وتفصيال لما فيهما من محاولة تعطي ل حقيقي للنصف الذي عرفوا أهمية وجوده فاتخذوه سالحا لتدمير المجتمعات مرة بحجة دفنها في بيتها وأخرى بالتنازل عن قيمها خارج بيتها وهذا هو الوأد الحقيقي للمرأة وتعتيم صورتها المشرقة خاصة عند تقديمها للعمل في مجتمع هو بأمس الحاجة لدورها لتكون أما وزوجة داخل بيتها ومفكرة ومنتجة تخدم مجتمعها ومدافعة عن قضايا أمتها خارج حدود البيت أما علموا هؤالء أن المرأة حاضرة في واقع المجتمع! أم أهملوا دورها الحاضن للفرد في مهده! وما عملها في الوظائف اإلعالمي ة إال صورة من صور خدمة دينها وأمتها وتصحيح أخطاء مجتمعها وعالج أسقامه وضماد جراحه لالرتقاء بهم إلى فضاء السماوة الرحب مع االلتزام بما يحفظ عليها طهرها وحياءها سواء كان ذلك من خالل التحرير والكتابة أو بتقديم البرامج الهادفة بما يخدم البيت واألسرة مثال لمعرفتها بشؤون البيت واحتياجه وما يقوم على إصالحه ال ألنه مصدر المجتمع فقط وإنما هو الركيزة األساسية والمصدر الرئيس لمنبع األخالق التي هي أساس تقدم األمم ورفعتها أو تقديم ما يفيد بنات جنسها لتحس سها حاجاتهن تاركة للرجل البحث واالطالع في القضايا الكبرى واألمور العامة التي تحتاج إلى صبرهم وإدارة فكرهم وما كان ذلك إال الصطفائهم من هللا تعالى بدرجة القوامة

12 404 لما يمتاز به الرجل من التكوين الخ ل قي وطول الخبرة في تجارب الحياة وبما ينفقه من ماله على أهل بيته قال تعالى: ٱلر ج ال ق و م ون ع ل ى ٱلن س ا ء ب م ا ف ض ل ٱهلل ب ع ض ه م ع ل ى ب ع ض و ب م ا أ نف ق و ا م ن أ م و ل ه م ]النساء: 34[. والمهم هو ما الذي تضيفه المرأة من إبداع ورقي تستحق به هذه الوظيفة ضمن ضوابط الشرع ومن المعلوم بداهة أن للمرأة مهارات قد تفوق الرجل في كثير من األمور سي ما إذا ما أرادت المطالبة بحق لها أو لبنات جنسها لتصل برسالتها إلى صاحب القرار أو ولي أمرها. فهذه وافدة النساء أسماء بنت يزيد األنصارية من بني عبد األشهل أنها أتت النبي وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك وعلم- نفسي لك الفداء- أما إنه ما من امرأة كائنة في شرق وال غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إال وهي على مثل رأيي إن هللا بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإالهك الذي أرسلك وإن ا معشر الن ساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحامالت أوالدكم وإنكم معاشر الرجال ف ضلتم علينا بالجمعة والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل هللا وإن الرجل منكم إذا أخرج حاج ا أو معتمرا ومرابطا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابا وربي نا لكم أوالدكم فما نشارككم في األجر يا رسول هللا قال: فالتفت النبي إلى أصحابه بوجهه كل ه ثم قال: "هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه "فقالوا: يا رسول هللا ما ظن نا أ ن امرأة تهتدي إلى مثل هذا فالتفت النبي إليها ثم قال لها: "انصرفي أيت ها المرأة وأ عل مي من خلفك من النساء أن حسن تبع ل إحداك ن لزوجها وطلبها مرضاته واتب اعها موافقته تعدل ذلك كله" قال: فأدبرت المرأة وهي تهل ل وتكب ر استبشارا ) 32 (. فانظر كيف كانت جرأة هذه األنصارية في المطالبة بحقها أمام رسول هللا ولمن خلفها من نساء العالمين ثم إعجاب النبي من حسن مطلبها وجمال مقالتها وتعج ب الصحابة من فطنتها وفصاحتها وقوة منطقها حتى ظن وا محالة أن تأتي امرأة بمثل ذلك وهذا من التقديم اإلعالمي الواضح والمميز. وفي هذا الشأن تقول األستاذة )33( ا مل فاضلة )سهيلة زين العابدين حم اد( مخاطبة المرأة: "إنني أدعوها أن تساهم بفكرها -ال بصوتها- في إعداد برامج دينية وثقافية واجتماعية وأدبية وأن تؤلف القصص والحكايات للكبار والصغار فيقرأ الرجل )34( ما تكتبه ويقد م ما ت ع د ه". وإذا ما تقرر أن للمرأة حق وحرية العمل فإن حكم عملها في مجال اإلعالم المرئي منوط بنوعية ذلك العمل وتنطبق عليه األحكام الشرعية الخمسة وخالصة القول فيه: فحالله حالل وحرامه حرام وعليه فإن للمرأة أن تعمل في كافة المجاالت اإلعالمي ة الهادفة من دعوة وإرشاد وبرامج نسائي ة وأ سري ة وغيرها )35( كما خرجت ابنتا شعيب وأسماء بنت )36( أبي بكر وإذا قيل أن خروجهن كان لمصلحة فإن المصلحة العامة هنا مقد مة

13 على المصلحة الخاصة ونقصد بالمصلحة العامة هنا: المصلحة الشرعي ة والدعوي ة والت ثقيفي ة في مجال اإلعالم المرئي وذلك من تثقيف وتعليم الجانب النسائي وزيادة الوعي والفكر لهن وال شك أن هذا فيه مصلحة عامة وهي مصلحة جماعية بل ويرقى هذا العمل إلى الوجوب في بعض األحيان إذا دعت الضرورة إلى المختصات في بعض المجاالت كما أن الضرورة الدعوية تستدعي أن تقوم المرأة بهذا العمل خصوصا إذا كانت مشاركتها في هذا المجال تغطي جانبا كبيرا ) 37 (. وفي هذا السياق نجد الشيخ محمد شكري يتوافق في الطرح القائل بمشاركة المرأة لإلعالم فيقول: يتأكد في حق المرأة المسلمة الداعية والواعية أن تشارك في اإلعالم المرئي وذلك ألنه أصبح من أكثر وسائل اإلعالم تأثيرا في أوساط الرجال والنساء ومن خالله تستطيع الداعية أن توصل رسالة اإلسالم وترد على شبهات المفسدين من دعاة تحرير )38( المرأة وغيرهم. ويجيب األستاذ أنور الخضري قائال : هذه المسألة تخضع لتقدير مدى الضرورة والحاجة لخروجها في هذه القنوات لتساهم في تعليم النساء واألبناء وتوعية األمة فإذا استطعنا أن نقوم بدراسات ميدانية تؤكد أهمية وضرورة مشاركة المرأة في اإلعالم لتوجيه األبناء مثال - أو مخاطبة النساء عموما بقياس أثر هذا الدور لو وجد فإن الفتوى بدون شك سوف تختلف فيما لو كانت النظرة تعتمد على األصل وهو بقاء حركة المرأة في أضيق الحدود انسجاما مع قول هللا تعالى: و ق ر ن ف ي ب ي وت ك ن ]األحزاب:.]33 ومن جهتها تقول هنادى الشيخ نجيب لدى سؤالها عن رأيها في مشاركة المرأة في اإلعالم المرئي: نعم أرى المشاركة ألنه ال يعبر عن المرأة إال المرأة وال يفهم المرأة إال المرأة وواجب المرأة اإلعالمية أن تتبنى قضايا المرأة بشكل عام وتعرضها بحجمها الحقيقي بحثا عن حلول واقعية تناسب خصائص المرأة التكوينية وتنسجم مع دورها )39( المنوط بها. ويمكن إجمال أهمية عمل المرأة في )40( مجال اإلعالم بما يلي: 1. قوة تأثير وسائل اإلعالم المختلفة على المجتمع وقدرته على التغلغل داخل األسر والوصول إلى فكر جميع أفراد األسرة. وألن األسرة تتكون من الرجل والمرأة كان البد من توجيه خطاب إعالمي خاص بالمرأة وآخر خاص بالرجل يلبي احتياجات كل منهما على حسب ما فطره هللا عليه وهيأه له. ولذا كان البد من تأهيل شريحة من النساء تتولى خطاب النساء إعالميا ألن المرأة شقيقة الرجل في تشكيل هوية األمة وتعزيز حصانتها الفكرية وتثبيت قيمها ومبادئها الدينية وحماية الجيل والمجتمع من أي مهددات أمنية. 2. استثمار مواهب المرأة فيما يعود بالخير العميم على مجتمعها ويسهم في االرتقاء به ويعزز بناء الحصانة الفكرية لدى نساء المسلمين السيما في ظل االنفتاح العالمي والثورة المعلوماتية 405

14 406 وتقنية المعلومات واإلقبال الهائل على اإلعالم من جميع أفراد المجتمع. 7. تمكين النساء الصالحات الواعيات بقضايا مجتمعهن من المطالبة بحقوقهن الشرعية على الوجه الشرعي باآللية اإلعالمية المؤثرة وبما يعود على تنمية المجتمع واستقراره وازدهاره. 8. االرتقاء بمستوى وعي المرأة وإدراكها وتنمية ثقافتها ومهارات االتصال لديها إذ إن العمل اإلعالمي المتميز يتطلب مهارات عالية بعضها يتعلق بفنون االتصال وبعضها يتعلق بمستوى الثقافة والوعي والمتابعة واالطالع الواسع والقدرة على التحليل والفهم والنقد البناء الهادف. المبحث الثالث: الضوابط الشرعي ة لعمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي. وإذا ما تقرر لدينا جواز عمل المرأة - وهذا ما أميل إليه كما أسلفت سابقا - ضمن الضوابط الشرعي ة كان لنا أن نتعرض إلى هذه الضوابط بشئ من التفصيل حيث يمكن تقسيم ضوابط عمل المرأة في هذا المجال إلى قسمين: األول: ضوابط عامة لعمل المرأة. الثاني: ضوابط خاصة لعمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي. القسم األول: ضوابط عامة لعمل المرأة. الضابط األول: إذن الولي. والمقصود في ذلك: هو خروج المرأة للعمل بإذن ولي ها سواء كانت متزوجة وولي ها زوجها أو غير متزوجه وولي ها والدها أو من ينوبه. فكما أن للزوجة حقوقا تطالب الزوج منحها إي اها حال زواجهما من مسكن وملبس ونفقة كان مقابل كل حق لها واجبا عليها تؤديه طاعة لزوجها قال 3. فتح أبواب عمل للمرأة يسهم في سد حاجة النساء للعمل في خدمة المجتمع ويحقق لها الرخاء االقتصادي وكرم العيش والترفع عن المسألة والحاجة السيما لدى من ليس لديها من يعولها. 4. إمكانية ممارسة المرأة لدورها اإلعالمي على مستوى عال من الكفاءة دون أن يضطرها ذلك للخروج من البيت أو الوقوع في أي مخالفة شرعية كاإلعالم التقني أو المشاركات بالمقاالت والتحقيقات والتأليف. 5. قدرة المرأة على تلمس حاجات بنات جنسها وتمكنها من مخاطبتهن ومعالجة قضاياهن إعالميا متى ما توفر لها التأهيل والتدريب الكافي لممارسة العمل اإلعالمي باحترافية. 6. تغيير الصورة النمطية للمرأة في اإلعالم إذ غلب على واقع المرأة في اإلعالم واقع إما واقع يحتذي الفكر الغربي في التعامل مع المرأة من حيث استغالل جسدها وجمالها وأنوثتها للكسب اإلعالمي أو تشبه بالرجال ومحاكاتهم في عملهم اإلعالمي دون مراعاة للضوابط الشرعية وخصائص المرأة الفطرية والدينية. فكان الغالب مما جعل أكثر من يقبل على العمل اإلعالمي في صفوف النساء من يغلب عليها الفكر المتحرر المتتلمذ على الثقافات والفلسفات والتوجهات الفكرية المنحرفة وفي هذه خطورة شديدة على واقع المتلقيات من النساء على اختالف ثقافتهن ومستوى تعليمهن.

15 407 تعالى: و ل ه ن م ثل ٱل ذ ي ع ل ي ه ن ب ٱل م ع ر و ف ]البقرة: 228[ وألن حق الزوج وطاعته واجبة وخروجها من بيتها للعمل غير واجب كان عليها تقديم الواجب على غير الواجب ومن هذه الحقوق التي يجب عليها فعلها قرارها في بيتها والتفر غ لخدمة زوجها ورعاية أوالدها فال يجوز لها شرعا الخروج من بيتها حتى يأذن لها وإال اعتبرت ناشزا يسقط حقها في النفقة قال صاحب كشاف القناع: "وال يجب لها إزار للخروج -وهو الملحفة- ومثله الخف ونحوه ألنه لم يب ن أمرها على الخروج وألنها ممنوعة من الخروج لحق الزوج فال يجب عليه مؤنة )41( ما هي ممنوعة منه ألجله" فالزوج هو من يعرف ما يصلح شأن بيته بحكم قوامته وخبرته العملية ودرايته في إدارة األمور. وأما إن كانت غير متزوجة فال يجوز لها الخروج دون إذن والدها أو من ينوبه مثل الجد واألخ وغيرهما لعدة أسباب منها: نفقتها الواجبة في حقه قال تعالى: و ع ل ى ٱل م و ل ود ۥ ل ه ر ز ق ه ن و ك س و ت ه ن ب ٱل م ع ر و ف ]البقرة: 233[ وبما أن وليها هو المنفق عليها وجب عليها طاعته وعدم الخروج إال بإذنه إال أن يكون هناك ما يدفعها للخروج للعمل كأن لم تجد ما ينفق عليها أو عدم كفاية نفقة ولي ها عليها ومنها أيضا بر الوالدين أو الولي وعدم الخروج إال بأمره من باب خفض الجناح له وعدم عقوقه. الضابط الثاني: االلتزام باللباس الشرعي. والمقصود باللباس الشرعي: هو ذلك الثوب الذي تغطي به المرأة رأسها وجسدها بحيث ال يصف وال يشف وهو ما يعرف بالحجاب الشرعي قال تعالى: ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال م ا ظ ه ر م ن ه ا و ال ]النور: 31[. عن أسماء رضي هللا عنها قالت: أن النب ي قال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها )42( إال هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه. والغاية من اللباس الشرعي هو: - حماية المرأة وصون لها من كل ما يؤذيها فال يعتلي حائطها متسو ر وال يعترض طريقها قاطع بل تفرض احترامها على الجميع قال تعالى: ي أ ي ه ا ٱلن ب ي ق ل أل ز و ج ك و ب ن ات ك و ن س ا ء ٱل م ؤ م ن ين ي د ن ي ن ع ل ي ه ن م ن ج ل ب يب ه ن ذ ل ك أ د ن ى أ ن ي ع ر ف ن ف ال ي ؤ ذ ي ن و ك ان ٱهلل غ ف و ارا ر ح ي اما ]األحزاب:.]59 - ستر العورات المكشوفة قال تعالى: ي ب ن ي ء اد م ق د أ نز لن ا ع ل ي ك م ل ب ا اسا ي و ر ي س و ء ت ك م و ر ي اش ا ]األعراف: 26[. - زينة للجسد بهذا الستر وجماال يبهج عين الناظر بدل قبح العري. - تالزم الحجاب والتقوى في نص اآلية وكأن األول لباس يستر عورات الجسد والثاني لباس يستر عورات القلب قال تعالى: و ل ب اس ٱلت قو ى ذ ل ك خ ي ر )43( ]األعراف: ]26. )44( صفات الحجاب الشرعي: )1( استيعاب جميع البدن إال ما استثني منه )الوجه والكفين(. )2( أن يكون كثيفا غير رقيق لئال يشف ويصف ما تحته. )3( أن ال يحدد أجزاء الجسم ويبرز مفاتنه.

16 )4( أن ال يكون زينة في نفسه ذا ألوان جذابة يلفت األنظار. )5( أن ال يكون الثوب معطرا فيه إثارة للرجال. )6( أن ال يكون فيه تشبه بلباس الرجال. )7( أن ال يكون فيه تشبه بلباس الكافرات. )8( أن ال يكون لباس شهرة. إذن فالحجاب ليس كما يدعيه البعض تقييدا لحرية المرأة بل هو تكريما لها ورفعا لقدرها وصيانة للمجتمع من )45( التفس خ واالنحالل الخ لقي. الضاااابط الثالاااث: ضااارورة توفيقهاااا باااين متطلبات عملها خارج المنزل وبين قيامهاا بواجباتها داخله. ال نبالغ إذا قلنا إن من الضرورة بمكان أن تعرف المرأة سر وجودها وأصل عملها وأن مهم تها األولى بعد عبادة ربها هو خدمة بيتها والذي ال تق ل خدمته عن خدمة كسب الرجل فتملؤه حبا وحنانا ليش ع بين جنباته نور السعادة إذن فهي في محراب عباد ة مفتوح ليال ونهارا تستمطر رحمات ربها ما دامت فيه إذن فما أجمل أن تكون في محراب بيت : - ترضع فيه طفال ال يعرف من الحياة سوى دفء أحضانها فهو عش ه الحنون ومالذه اآلمن ألم تسمع قوله تعالى: و ٱل و ل د ت ي ر ض ع ن أ و ل د ه ن ]البقرة: 233[. - تخدم فيه زوجا خ لقت من نفسه ال يعرف من الدنيا سكنا غيرها ألم يقل ربنا جل وعال: و م ن ء اي ت ه ۦ أ ن خ ل ق ل ك م م ن أ نف س ك م أ ز و اجا ل ت س ك ن و ا إ ل ي ه ا و ج ع ل ب ي ن ك م م و د اة و ر ح م ة إ ن ف ي ذ ل ك أل ي ت ل ق و م ي ت ف ك ر و ن ]الروم: 21[. - تكون فيه أم ا تدفع فيه الضر عن صغار ال يعرفون من بعا للحنان سواها ولتسمع إن شاءت قوله تعالى: ال ت ض ا ر و ل د ة ب و ل د ه ا ]البقرة: 233[. - تصبح فيه ملكة تترب ع على عرش مملكتها الصغيرة فهو بيتها الذي كتبه هللا تعالى باسمها في قوله: ال ت خ ر ج وه ن م ن ب ي وت ه ن ]الطالق: 1[. وفي الوقت الذي انتبهت فيه نساء الغرب إلى المخاطر التي جنتها األسرة جر اء خروج المرأة للعمل من ضياع أجيال من األطفال وإصابتهم بأمراض نفسي ة وعقلي ة وجسمي ة لفقدانهم الرعاية والحنان والعطف والرضاعة الطبيعي ة وتركهم في المحاضن أو مع العامالت في المنازل توالت صيحات االستغاثة بالمطالبة والرجوع إلى نداء الفطرة البشرية لضرورة عودة المرأة إلى بيتها وحمل رسالتها األصلية لتفادي الخسارة التي أول ما نالت المرأة نفسها من فقدان لراحتها النفسي ة والجسدي ة وتخلخل األسرة وكيانها مما حدا بالنساء للسير على ما سارت عليه المرأة الياباني ة في ترك العمل عند الزواج والتفرغ لتربية أبنائها والقيام بمتطلبات البيت ثم العودة اليه مرة أخرى إذا ما كبر األوالد وعناية المرأة باألوالد هو أحد أسباب قوة اليابان حاليا كما صرحت بذلك سفيرة اليابان في باريس )46( "نوبو أبسكاوا" عام وفي نهاية السبعينات من القرن الماضي قامت الكاتبة والصحفي ة 408

17 409 الفرنسية السيدة كريستيان كوالنج بتأليف كتاب أحدث ضجة في الشارع الفرنسي بعنوان "إن ي لبيتي راجعة" حيث أثار جدال كبيرا في المجالت والصحافة والتلفزة الفرنسي ة والذي دعا إلى عودة المرأة إلى بيتها األمر الذي ال ت قر ه نصيرات المرأة المتحررة في أوروبا وقبل ذلك استطاعت السيدة كوالنج من التوفيق بين بيتها وعملها فرب ت أبناءها األربعة وعملت في الصحافة مدة خمسة وعشرين عاما وقامت بتأليف كتابين األول بعنوان "السيدة واألوالد" والثاني بعنوان )47( "السيدة والسعادة". وبعد كل هذا وذاك يأتي داعي الشيطان ليزي ن لها ق فار غيرها فيخرجها من جنة بيتها ويترك داعي هللا أن ال تخرجوهن! مالكم كيف تحكمون! فإذا ما وقعت هناك ضرورة وتحت م عليها الخروج لتعمل خارج بيتها تاركة زوجها وأطفالها تتقاذفهم أمواج الحياة العاتية كان لزاما عليها أن تعلم علم يقين أنها مسؤولة أمام هللا تعالى عم ا استرعاها في أهل بيتها لحديث ابن عمر رضي هللا عنهما أن رسول هللا قال :»أال ك ل ك م ر اع و ك ل ك م م س ئ ول ع ن ر ع ي ت ه ف األ م ير ال ذ ي ع ل ى الن اس ر اع و ه و م س ئ ول ع ن ر ع ي ت ه و الر ج ل ر اع ع ل ى أ ه ل ب ي ت ه و ه و م س ئ ول ع ن ه م و ال م ر أ ة ر اع ي ة ع ل ى ب ي ت ب ع ل ه ا و و ل د ه و ه ي م س ئ ول ة ع ن ه م و ال ع ب د ع ل ى م ال س ي د ه و ه و م س ئ ول ع ن ه أ ال )48( ر اع ف ك ل ك م ر اع و ك ل ك م م س ئ ول ع ن ر ع ي ت ه «. فإن استطاعت التوفيق بين عملها ومسؤوليتها اتجاه بيتها فيها ونعمت وإال كان عملها الذي ي رتجى منه بناء األسرة وصالح المجتمع وخدمة األمة م عو ل هدمها ال أداة بنائها وعليها عندئذ بشعار )بيتي أوال (. الضابط الرابع: عدم الخضوع بالقول. وهل يوجد في المرأة شئ ال ينجذب إليه الرجل بل إن ك قد تجد من النساء ما ي سلب عقل الرجل ويذهب لب ه مصداقا لحديث أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه قال: خرج رسول هللا في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على الن ساء فقال:»ما رأيت من ناقصات عقل ودي ن أذهب للب ال رجل الحازم من إح داك ن«. فما بالك إذا بالتي تخضع بقولها وترق ق كالمها لتستميل قلوب الرجال غير آبهة بقول هللا تعالى: ف ال ت خ ض ع ن ب ٱلق و ل ف ي طم ع ٱل ذ ي ف ي ق ل ب ه ۦ م ر ض و ق ل ن ق و اال م ع ر و افا ]األحزاب: 32[ قال الطبري- رحمه هللا-: "فال تلن بالقول للرجال فيما )49( يبتغيه أهل الفاحشة منكن" والقول المعروف كما قال صاحب تفسير الوسيط هو:»قوال حسنا محمودا وانطق ن به بطريقة طبيعية بعيدة عن كل ريبة أو انحرا ف عن )50( الحق والخ لق الكريم«والخطاب هذا ألمهات المؤمنين فكيف حال بعض نساء األمة اليوم هداهن هللا وهن يبحثن عن ميوعة الشخصية بحثا ولربم ا أنفقن على تعليم ذلك الوقت والجهد والمال وهللا المستعان. فعلى كل إمرأة عاملة أن تتقي هللا تعالى في نفسها وغيرها وأن تصلح من لسانها ما استطاعت خاصة إذا ما عملت في المجاالت اإلعالمي ة ألنها محط أنظار الجميع صغارا وكبارا ففي الوقت الذي يميل فيه األطفال للبحث عن المسلي ات في اإلعالم يميل المراهقون للبحث عن إشباع

18 رغبات الفطرة المستعرة فالحذر الحذر من مغب ة الوقوع في أوحال المعصي ة وهللا الموفق والهادي إلى سواء السبيل. القسم الثاني: ضوابط خاصة لعمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي. باإلضافة إلى ما سبق من الضوابط العامة في عمل المرأة يمكن إضافة الضوابط التالية: الضابط األول: مشروعي ة العمل اإلعالمي. عندما شرع اإلسالم العمل شرعه وفق منهج قائم على أسس صحيحة وقواعد ثابتة وحتى يكون لهذا العمل نتائج مرجو ة من جلب للمصالح ودرء للمفاسد كان ال بد له أن يكسب شرعي ته وفق منهج الشارع الحكيم الذي أنزله هللا تعالى وهو الذي خلق النفس البشرية وهو الذي يعلم ما يصلح أمرها وما يفسده. قال تعالى: م ن ع م ل ص ل احا م ن ذ ك ر أ و أ نث ى و ه و م ؤ م ن ف ل ن ح ۥ ي ي ن ه و ل ن ج ز ي ن ه م أ ج ر ه م ب أ ح س ن م ا ح ي و اة ط ي ب اة ك ان وا ي ع م ل ون ]النحل: 97[ والعمل الصالح يشمل كل عمل نافع في دين المرء ودنياه. والعمل في مجال اإلعالم- وخاصة المرئي منه- كأي عمل له ماله وعليه ما عليه إال أنه يمتاز بخطورته الشديدة إذا ما تم توجيهه التوجيه السليم لخدمة المجتمع وقضايا األمة وتكمن خطورته إذا ما وقع في أيدي أعدائها ليكون سالحا فت اكا يفتك بجسد هذه األمة أن ى الحت لهم فرصة النيل منها في أي وقت وفي أي حين والذي كن ا منه على تخو ف ووجل حصل بكل تأكيد حيث مسك زمام أمور اإلعالم أعداؤنا ليكون سالحا ي وج ه إلى صدورنا وي شهر في وجوهنا صباحا ومساء. ومن باكورة مخططاتهم زج المرأة في غيابة اإلعالم ال حبا بها ألمومتها أو احتراما ألنوثتها وإنما لعلمهم بأهمي ة دورها في التأثير على النفوس -خاصة الضعيفة منها- ولتكون ل عبة ممتهنة ت ركل هنا وهناك أو عارية تثير نزوات الشاذ ين بصوتها وجسدها لت شبع رغبات النفوس لتلك الذئاب البشرية المتعطشة أو سلعة ت عرض لهم ما ينتجون حتى وصل بهم األمر أن جعلوا صورتها على حذاء!! وإذا ما قضوا منها إربهم وامتهنوا إنسانيتها وانتهت عندهم مدة صالحيتها ألقوها على مزبلة التاريخ وهم لها الحقون. ونظرا لكثرة مسارات العمل في هذا المجال وبقولنا في إباحي ة عمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي كان لنا أن نحد د مسار العمل الذي يناسب وطبيعة المرأة في هذا المجال سواء أكان ذلك من حيث الحكم الشرعي عليه أو ما يناسب تكوينها الفطري والجسدي وميولها الفكري والعقلي لتتمكن من تحقيق أهداف رسالتها وتقديمها بأبها صورة نظرا لما يتطلبه هذا المجال من تمي ز ومهارة عالية في القدرة على التحليل والفهم والنقد البن اء الهادف. وعليه فإن للمرأة العمل في كافة المجاالت اإلعالمي ة الهادفة من كتابة للبرامج وإعدادها وتقديم البرامج الثقافية والنسائية المفيدة والنشرات اإلخبارية وغيرها من األعمال التي تناسب طبيعتها األنثوية واالبتعاد عن األعمال الشاقة التي ال طاقة لها في القدرة على تقديمها, والبعد كل البعد عن أي عمل يخدش حياءها وينال من عفتها وطهرها أو يخرجها عن دائرة إيمانها لينزل بها من مرتبة شرف اإلنسانية إلى حد الدوني ة 410

19 411 البهيمي ة ومن هذه األعمال على سبيل المثال ال الحصر: - عملها كعارضة لألزياء: لما فيه من إظهار للعورات ومفاتن الجسد. وغيرها من األعمال التي يحاول فيها م د عو التحرر إلى إفساد المرأة فيفسد نصف ي المجتمع بفسادها. الضابط الثاني: عدم ممارستها ألعمال تتعارض وتكوينها الجسماني. لم ا خلق هللا تعالى اإلنسان أودع فيه قوة وضعفا قوة تعينه على مكتسبات الحياة وضعفا يذك ره بقدرة خالقه قال تعالى: ٱهلل ٱل ذ ي خ ل ق ك م م ن ض ع ف ث م ج ع ل م ن ب ع د ض ع ف ق و اة ث م ج ع ل م ن ب ع د ق و ة ض ع افا و ش ي ب اة ي خ ل ق م ا ي شا ء و ه و ٱلع ل ي م ٱلق د ير ]الروم: 54[ وجعل لكل فرد طاقته الخاصة به من التحم ل ومي ز بني ة الرجل وتركيبه الجسدي عن بني ة المرأة وتركيبها فأعطى سبحانه وتعالى القو ة الجسدي ة للرجل بما يتناسب وطبيعة عمله سواء أكان هذا العمل بدني ا أم ذهني ا وكل ف األنثى من الواجبات ما يناسب طبيعتها ورقة أنوثتها. ورغم كثرة اآليات الكريمة واألحاديث الصحيحة الدال ة على عدم تكليف اإلنسان نفسه ما ال يطيق إال أنك تجد من ي حم ل نفسه ما ال طاقة لها به ورب ما تجد من يتعم د في تكليف غيره ما ال يطيق حتى أن البعض تجاوز حدوده ليكل ف عجم الدواب فوق طاقتها وهذا ما نهى عنه الشارع الحكيم. فمن اآليات الدالة على ذلك قوله تعالى بنفي التكليف بما خرج عن الوسع: ال ي ك ل ف ٱهلل ن فس ا إ ال و س ع ه ا ]البقرة: 286[ حتى تضر ع المؤمنون إلى ربهم في دعائهم بأن ال يحم لهم فوق طاقتهم في قوله تعالى: ر ب ن ا و ال ت ح م لن ا م ا ال ط اق ة ل ن ا ۦ ب ه - الغناء الماجن: الذي يظهر الصوت الناعم والخضوع بالقول والتغن ي بالجنس اآلخر ليصف معالم الجسد فيحرك الشهوة في مكامن النفس فتغدوا إلى طريق يفضي إلى مفسدة ال يحمد عقباها قال تعالى: ف ال ت خ ض ع ن ب ٱلق و ل ف ي طم ع ٱل ذ ي ف ي ق ل ب ه ۦ م ر ض ]األحزاب: 32[. - الرقص: لما فيه من إظهار لمفاتن الجسد والتمايل به وخروج عن دائرة األخالق والد ين ونحن نعلم خطر المرأة على الرجل وهي مستترة فكيف بك وهي تخلع ثوب الحياء! - العزف على اآلالت الموسيقية: لما فيه من حرمة سماعها فضال عن استعمالها والعزف عليها وتحميل المرأة فوق طاقتها. - تقديم الدعايات الهابطة التجارية منها والتسويقية لما فيها من امتهان للمرأة واحتقار النسانيتها وقتل لشخصيتها. - التمثيل بأنواعه: تحت ما يسمى بالفن والذي هو فن هابط بكل المعايير لما فيه من الخلوة بالرجال واالحتكاك بهم وقيامها بأعمال منافية لألخالق تعين على شيوع الفاحشة قال تعالى: إ ن ٱل ذ ين ي ح ب ون أ ن ت ش يع ٱل ف ح ش ة ف ي ٱل ذ ي ن ء ام ن و ا ل ه م ع ذ اب أ ل يم ف ي ٱلد ن ي ا و ٱأل خ ر ة و ٱهلل ي ع ل م و أ نت م ال ت ع ل م ون ]النور: 19[. - تقديمها لبرامج تدعو إلى السحر والشعوذة والتنجيم: وغيرها من األمور المحر مة التي نهى عنها ديننا الحنيف لما فيها من تدمير لألسر وإظهار الفساد في المجتمع.

20 412 ]البقرة: 286[ وقوله تعالى تخفيفا ومراعاة لضعف المكل ف: ي ر يد ٱهلل ب ك م ٱل ي س ر و ال ي ر يد ب ك م ٱل ع س ر ]البقرة: 185[ وقوله تعالى: ي ر يد ٱهلل أ ن ي خ ف ف ع نك م و خ ل ق ٱإل نس ن ض ع ي افا ]النساء: 28[. ومن داللة السن ة المطه رة قوله من حديث عائشة رضي هللا عنها: أنها قالت:»ما خ ي ر رسول هللا أمرين إال أخذ فإن كان إثما كان أيسرهما ما لم يكن إثما بين أبعد الناس منه وما انتقم رسول هللا لنفسه )51( إال أن ت نتهك حرمة هللا فينتقم هلل بها«والحديث ظاهر البيان في إرادة التيسير. وقد رغ ب النب ي في إتيان الرخص المشروعة وذلك بقوله من حديث ابن عمر رضي هللا تعالى عنهما:»إن هللا يحب أن ت ؤتى رخصه كما يكره أن )52( ت ؤتى معصيته«وهذه الرخص )53( عامة في العبادات وغيرها والذي يعيش في ظالل سيرة المصطفى ليقف على أحداث يذرف فيها الدمع شوقا إليه بأبي هو وأمي من كثرة المشاهد التي تظهر فيها رحمته بأمته والناس أجمعين حتى طالت رحمته البهائم واألنعام. وبعد هذه األدلة التي ال يسعنا إال التسليم بها يتبي ن لنا أنه ال يجوز لنا أن نكل ف أنفسنا وغيرنا فوق طاقته ويجب علينا أن نحترم إنسانية اآلدمي وكبد الدواب واألنعام الرطب خاصة عند حاجتهم إلينا وعملهم تحت أيدينا فكيف بك إذا كان هذا العامل ضعينة ضعيفة! تسترزق قوتها من كد يدها وعرق جبينها ليأتي من يستغل ضعف جسدها وجمال أنوثتها من ذئاب هذه األمة وأعدائها ليلتحفوا بجلد كلب مزي ف ي طئطئ لها رأسه مرة ويلوح بذيله مرات م ظهرين الخوف عليها تارة ومد عين الوفاء لها أخرى وما د ر وا أن أنيابهم بادية تلمع وأن جشع بطونهم وأنفسهم لم تشبع وأن الط بع غلب التطب ع فحالهم كحال جرو ذئب في بي ت عجوز البادية أخذته صغيرا وربت ه في بيتها وأرضعته لبن شاتها فلما كبر! رد ه طبعه فقتل أمه وبقي ة لبنها في فمه فأنشدت: بقرت شويهتي وفجع ت قاومي وأناااات لشاااااتنا اباااا ن ربيااااب غ ااااااا ذيت بااااااا د رها ونشاااااااأت معها فمن أنباك أن أباك ذيب إذا كااان الطباااع طباااع سااو ء )54( فاااال أدب يفياااد وال أدياااب ومن هنا جاءوا للمرأة بأعمال ليثقلوا عاتقها ويرهقوا جسمها ويفقدوها أنوثتها وكرامتها اإلنسانية حتى غدت المرأة العاملة ضعيفة الب ني ة خاوية الروح اليستفاد منها بعد أن جادت لهم بعطائها فأنكروا جميل إحسانها حتى صدق فيهم قول الشاعر : فقال لاذوي المعاروف هاذا جاازاء من يجااااود بمعااااروف علااااى غياااار )55( شاكر اللهم إن ا نعوذ بك من البغ ي وأهله ومن الغادر وفعله اللهم آمين. ومن المؤكد أن أعداء اإلنساني ة لم ي هملوا برنامج عمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي دون تخطيط لهدم بنيانها وزعزعة كيانها فأوجدوا لها أعماال ينوء بحملها أولوا القو ة من خالل برمجة تقضي

21 على جهازها العصبي الضعيف من طول الوقوف وتأخر في السهر ومن كثرة البروفات وتحم ل أعباء مشقة السفر ومراحل الذهاب واإلي اب المتكررة وما يتخلل ذلك من مزيد بذل للجهد والطاقة على حد سواء أثناء إعدادها للبرامج. وربما تتعرض إلى أعمال عنف من قبل أرباب العمل إن قص رت في جزئية بسيطة من جزئيات عملها أوخالجها نسيا ن لطبيعة فطرتها غير آبهين لحالتها النفسي ة نظرا لما تتعرض له من تغيرات فسيولوجي ة في جسمها من طمث وحمل ون فاس ووالدة ورضاع وغيرها ليخدشوا بذلك أنوثتها تلك األنوثة التي قال فيها الدكتور الكسيس )56( كاريل" -الحائز على جائزة نوبل للعلوم- في كتابه )اإلنسان ذلك المجهول(: "كل خلي ة فيها تنطق بأنها أنثى والناتج!! هو ضغط نفسي وتعب جسدي وإرهاق عصبي قلم ا يتحم له أشد اء الرجال فضال عن ضعيفهم والضحية هو جسد المرأة. ومع تحفظنا على ما ذكرناه آنفا م ن الممارسات الخاطئة بحق المرأة في مجال عملها نقول: إن تحقق هذا الضابط مشروط بخلو هذا العمل من أي ممارسة تخالف وطبيعة تكوين المرأة النفسي والجسدي وضامنا لجميع حقوقها من غير خدش ألنوثتها عندئذ فال مانع من عملها وهللا الموفق. الضابط الثالث: عدم االختالط بالرجال األجانب والخلوة بهم. إن المتأمل في النظام اإلسالمي الشامل لجميع جوانب الحياة ليجد فيه م يزة قل ما تجدها في أي نظام آخر وهي أنه نظام دقيق جدا يمتاز بدقة عجيبة جعلته نظاما محكما يكاد ال تجد فيه ما يخرمه على عكس األنظمة األخرى التي مهما كانت دق تها إال أنك تجد فيها من الثغرات ما يعجز جهد الجميع عن سد ها. ومن هذه األنظمة التي أس س بني انها شرعنا الحكيم منذ بزوغ فجر اإلسالم وسطوع شمسه واعتنى بتنظيم أوامرها في أدق تفاصيلها أمر االختالط بين الجنسين باعتباره أمرا ال ينف ك احتياج الناس إليه في ديمومة حياتهم وعمارتها حيث سمح باختالط الجنسين ضمن ضوابط شرعية قع دها لذلك لعلمه بأن كال الجنسين هما أساس المجتمع ودعامته فأوجد لهما ضوابط في فقه التعامل واالختالط تحفظ عليهما كرامة الحياة ورغد العيش. ومن هذه الضوابط عدم اختالط الرجال باألجنبي ات من النساء والخلوة بهن خاصة في أماكن العمل لحديث ابن عباس رضي هللا تعالى عنهما عن النبي قال:»ال يخلون رجل بإمرأة إال مع ذي )57( محرم«ولحديث أسامة بن زيد رضي هللا عنهما عن النبي قال:»ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من )58( النساء«وقال عليه الصالة والسالم:»ال يخل ون أحدكم بإمرأة فإن الشيطان )59( ثالثهما«وقال عمر ابن عبدالعزيز موصيا ميمون بن مهران:»إي اك أن تخلو بامرأة غير ذات محرم وإن حد ثتك نفسك )60( أن تعل مها القرآن«. لذلك وحتى يكون عمل المرأة مشروعا في مجال اإلعالم المرئي كان ال بد لها من االبتعاد عن االختالط بالرجال أو الخلوة معهم لما فيه من خوف الوقوع في المحظور ولدرء خطر 413

22 414 المفسدة الناتج عنه وال يخفى على الجميع ما يحصل في داخل االستوديوهات من تحضير للعمل من مكساج وتصوير ومونتاج وإخراج وتغيير للمالبس وغيرها والقاعدة الفقهية تقول : "درء المفاسد مقد م على جلب )61( المصالح" فإذا خال العمل من االختالط والخل وة كأن تعمل المرأة مع مثيالت جنسها كفريق عمل واحد -وليس ذلك بالمستحيل- تحقق هذا الضابط وال ريب عندئذ في عملها وهللا تعالى أعلم. الضابط الرابع: عدم السفر من غير محرم. للخوف وقع في القلب تكاد الرهبة منه تقتل فالجسد يرتعش والوجه مصف ر واللسان أصابه الب كم والذهن شارد والعقل تعط ل عن التفكير وجميع العمليات الحيوي ة في الجسم من هدم وبناء وغيرها تضطرب حتى أن ه ال يعرف للطعام مذاقا وال تكتحل العين بنوم يا هللا!! كل هذا يحصل مجر د الشعور بالخوف كيف ال! ورب نا جل وعال يقول: ٱل ذ ي أ ط ع م ه م م ن ج وع و ء ام ن ه م م ن خ و ف ]قريش: 4[ فهذا هو الوجه المظل م للخوف وللنا ظر إلى الجوانب األخرى له ليجد جانبا مشرقا وض اء عند الشعور به راحة في الجسم وهدوء في األعصاب وأن القلب يفيض حبا وحنانا وإنك لترى إشراقة الوجه تعلو م حي اه وقد تنزل دمعة شوق بهذا الخوف ذلكم هو الخوف على من نحب. فما أجمل أن نخاف على أحبة هم مهوى أفئدتنا ولو ألزمنا أنفسنا بهذا الشعور لمضينا في ركب السعادة األبدي ة ولتعايش اإلنسان مع بني جنسه بهدوء وسكينة وراحة وطمأنينة ورأس ذلك كله هو الخوف من هللا تعالى في الدنيا لنضمن أمنه في اآلخرة كما جاء عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي يروي عن رب ه ج ل وعال قال:»وعز تي ال أجمع على عبدي خوفين وأمنين إذا خافني في الدني ا أ منته يوم القيامة وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم )62( القيامة«. ومن خوف شرعنا الحكيم على قارورة اإلسالم الغالية ولؤلؤة محارته النفيسة من الكسر أو الخدش أوجد لها بيئة تسترها ومحارة تحفظ عليها بريقها حتى إذا ما قد ر لها الخروج من مخدعها ألزمها بمحرم يحفظها خالل حل ها وترحالها من كل سارق ومارق. يروى أ ن ابن عباس رض ي هللا عنهما- قال: قال النبي :»ال تسافر المرأة إال مع ذي محرم وال يدخل عليها رجل إال ومعها محرم«فقال رجل: يا رسول هللا إن ي أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج فقال: )63(»أخرج معها«والمحرم: هو كل ما يحرم عليها التزوج منه حرمة مؤب دة. وبحكم عملها في هذا المجال قد تضطر المرأة للسفر ألي سبب كان ال بد من اصطحاب المحرم معها حماية لها وصونا لعرضها وحتى ال يحدث ما ال يحمد عقباه فإذا تحقق هذا الشرط عندها ال بأس في عملها بإذنه تعالى وال ريب. الضابط الخامس: أن تكون مشاركة المرأة في اإلعالم المرئي مشاركة تظهر فيها المصلحة وتدرأ فيها المفسدة وفق تقدير أهل العلم لذلك.

23 415 لقد قامت أحكام الشريعة اإلسالمية على تحقيق المصلحة ودرء المفسدة وال يمكن تقدير تلك المصلحة ومعرفتها إال من علماء الفقه واألصول وأهل العلم المختصين قال تعالى: و م ا أ ر س لن ا م ن ق ب ل ك إ ال ر ج ا اال ن وح ي إ ل ي ه م ف س ل و ا أ ه ل ٱلذ كر إ ن ك نت م ال ت ع ل م ون ]النحل: 43[. وحتى يكون عمل المرأة في مجال اإلعالم المرئي مقبوال كان ال بد من تحقيق المصلحة المرجو ة من مشاركتها لهذا العمل ليعود بالنفع على مجتمعها وأمتها أو تدفع بعملها هذا مفسدة محققة وإال كان عملها فيه مفسدة محضة وكما نعلم أن من القواعد المقاصدية )درء المفاسد مقد م على جلب المصالح( فإذا تحقق ضابط المصلحة كانت مشاركتها فاعلة مقبولة وهللا تعالى أعلم. الضابط السادس: التزام اإلعالمي ة بضوابط التصوير. إن عامل التصوير في مجال اإلعالم المرئي هو من العوامل الرئيسة التي ال يمكن االستغناء عنه لما يتطلبه اإلعالم المرئي تحديدا من نقل الحقائق وإثباتها بواسطة عدسات التصوير ومع االختالف الواقع بين الفقهاء في حكم التصوير وفي تحديد مفهومه كان ال بد لنا من إثبات ضرورة التصوير في عصر التقدم العلمي والتكنولوجي ألهميته في تحقيق المصلحة. ومن الصعوبة بمكان أن أعرض أقوال أهل العلم في حكم التصوير في هذه الدراسة خشية اإلطالة ولكن ما يترجح لدي من أقوال أهل العلم بعد االطالع على ما قد ر لي دراسته هو ما يلي: 1. اتفاق أهل العلم على حرمة التماثيل المنحوتة ذات األرواح ألنها تعتبر مضاهاة خلق هللا تعالى. 2. اتفاق أهل العلم على حرمة التصوير الفوتوغرافي في ما يعين على معصية من تصوير للنساء العاريات لنشر الرذيلة وتصوير أماكن البدع والكفر بقصد التعظيم. 3. اتفاق أهل العلم على جواز التصوير الفوتوغرافي إلتمام المعامالت الضرورية واألوراق الثبوتية من هويات شخصية وجواز سفر وغيرها. 4. أما حكم التصوير بكاميرا الفيديو فحكمه كما في التصوير الفوتوغرافي وهللا تعالى أعلم. وبماااا أن عمااال المااارأة فاااي مجاااال اإلعاااالم المرئاااي يتطلاااب وقوفهاااا أماااام العدساة كاان ال باد مان مراعااة الضاوابط التالية أثناء التصوير: 1. إخالص النية هلل تعالى والبعد كل البعد عن اتباع هوى النفس من تحقيق للشهرة وغيرها. 2. االلتزام بتقوى هللا تعالى وعدم التصوير فيما ال حاجة فيه. 3. االلتزام باألخالق واآلداب العامة. 4. مراعاة االلتزام باللباس الشرعي وأخذ الحيطة والحذر عند التصوير من أن ينكشف شيئا منها. 5. االبتعاد عن استخدام مستحضرات التجميل التي تعد من الزينة التي يحرم )64( إظهارها.